استطلاعات الرأي حول الانتخابات الرئاسية.. عدو أم صديق؟ – شيماء قدري – موقع جريدة الشروق

تشهد مصر أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير خلال شهر من الآن، وهي ثاني انتخابات رئاسية تعددية تشهدها مصر، وإن كانت الأولى التي لا يستطيع المصريون فيها توقع من سيتمكن من الفوز بها، بغض النظر عن الجدل السياسي المثار حولها.

 ومن هذا المنطلق تبرز أهمية استطلاعات الرأي العام العلمية في هذه المرحلة التاريخية، لتعطي لمحة عن الوضع الحالي لمرشحي الانتخابات ونسب الأصوات التي قد يحصلون عليها أو لتتوقع من سيتمكن من الفوز بمنصب رئيس الجمهورية، الأمر الذي سيمكن الحملات الإعلامية لمرشحي الرئاسة من تعديل وضبط خططها، كما أنها تعد بمثابة أحد الدلائل على مصداقية وعلمية مراكز استطلاعات الرأي والتي تتبارى فيما بينها على أن تكون نتائجها أقرب تمثيلا للنتيجة الفعلية.

إن اقتصار مهمة استطلاعات الرأي أثناء الانتخابات الرئاسية على ما سبق يجعلها أحد أهم الأدوات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها من قبل الحملات الإعلامية لمرشحي الرئاسة ومن قبل السياسيين والمحللين أيضا، ولكن ليت الأمر كذلك، فهناك العديد من التساؤلات المثارة حول هذه الاستطلاعات، ولعل أهمها على الإطلاق هو مدى تأثير نشر نتائج هذه الاستطلاعات على توجيه نتائج الانتخابات؟ حيث اختلف المتخصصون على ذلك.

فمن ناحية،  أشار بعض العلماء أن هذه الاستطلاعات قد تؤثر على نتائج الانتخابات عموما في اتجاهين، الأول هو ما يسمى بتأثير العربة أو ال (Bandwagon Effect) وهو يعني أن استطلاعات الرأي التي يتم نشرها تساهم في دفع الناخبين الذين لم يقرروا بعد إلى الاتجاه لانتخاب الشخص أو الحزب المتصدر لنتائج الاستطلاعات، أما الاتجاه الثاني فيتمثل في دفعها الناخبين إلى محاولة منع نجاح مرشح ما أو تسهيل نجاح مرشح آخر، أو حتى عدم الذهاب للانتخابات من الأساس، إما بسبب الثقة من نجاح مرشحهم أو بسبب الشعور بأن مرشحهم سيخسر في كل الأحوال.

ولقد دفع هذا التأثير المتوقع بعض الدول مثل فرنسا وكندا أن تمنع نشر نتائج استطلاعات الرأي قبل الانتخابات بيوم أو عدة أيام قد تصل إلى أسبوع.

ومن ناحية أخرى، خلصت دراسة مشتركة أعدتها كلا من الجمعية الأوروبية لأبحاث الرأي والتسويق والاتحاد العالمي للرأي العام، أن هذا التأثير ضعيف جدا ولا يكاد يظهر بين العامة الذين لا يهتمون بقراءة الأرقام وتحليلها. هذا بالإضافة إلى أن هذا التأثير إن وجد فهو يكون من النوع الأول (تأثير العربة) أي أنها تؤثر على من لم يقرروا بعد. واعتبرت الدراسة أن السياسيين والمحللين والوجوه الإعلامية البارزة لها التأثير الأقوى بلا منازع في توجيه الرأي العام بهذا الصدد، وبالتالي لا يجب أن يكون هناك قيد على حرية نشر البيانات وتداولها خاصة في الدول الديمقراطية، لأن هذا القيد يكون بمثابة رقابة على الشعوب وعدم الثقة في حكمتهم وقدرتهم على الاختيار الحر.

وفي الحالة المصرية، هل يمكن أن توجه نتائج استطلاعات الرأي العام اختيارات الناخبين؟ لا أحد يستطيع أن يجزم، فلم يتم دراستها من قبل لأنها المرة الأولى التي نمر فيها بهذه التجربة ولا نعرف بعد ما هي أكثر محددات اختيار مرشحي الرئاسة تأثيرا في المجتمع المصري، وكيف سيتناول الإعلام نتائج هذه الاستطلاعات وما مدى تأثير ذلك على آراء الناخبين، لذلك سيظل التساؤل مطروحا … هل استطلاعات الرأي حول الانتخابات الرئاسية عدو أم صديق؟

الكاتب: شيماء قدري

الرابط الأصلي للمقال: http://www.shorouknews.com/menbar/view.aspx?cdate=23042012&id=1437f5a5-f398-43ee-b816-5c25ea95dfe5

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *