عرض لمقال تأثير التحقق والاستفسار على نتائج استطلاعات الرأي – أ. محمد حمدي- مؤسسة جسر لأبحاث المسوح

 قام كل من أ. ستيفاني ماركين ود. صوفيا كلوتش بإعداد هذه الورقة البحثية لعرض آثار استخدام أساليب التحقق في استطلاعات الرأي التي يديرها المحاور والذي يقوم بالتحقق مع المستجيبين الذين يقدمون في البداية إجابات أولية على الأسئلة كأن يرفضون أو يشيرون إلى عدم معرفتهم بالإجابة وهي تمثل شكلا من أشكال عدم الاستجابة، بالإضافة إلى عرض نتائج الدراسة التي أجرتها شركة جالوب عن أثر استخدام التحقق على تلك الإجابات الأولية، وفيما يلي أهم ما توصلت إليه تلك الورقة:

يعتبر التحقق وسيلة شائعة الاستخدام من قبل المحاورين في الاستطلاعات، حيث يلجؤون إليها عندما يرفض المستجيبون في البداية أن يجيبوا على أحد الأسئلة أو يشيرون إلى عدم معرفتهم للإجابة، فيلجأ المحاور إلى أساليب محايدة للتحقق كأن يقول “هل تميل أكثر للإجابة كذا أم الإجابة كذا؟”، فالتحقق يساعد على زيادة عدد الإجابات الصحيحة، ومع ذلك يرى بعض الباحثين أن التحقق يزيد عبء على المحاور وقد يزيد من وقت إجراء الاستطلاع.

قامت شركة جالوب بإجراء دراسة في الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج، باستخدام استطلاع التتبع اليومي واستطلاع جالوب العالمي لتقدير آثار التحقق على الإجابات الأولية من المستجيبين، وقد تم التأكيد على المحاورين أن يذكروا ما إذا كانوا قاموا بالتحقق من المستجيبين على كل سؤال أم لا، وتمت الدراسة في الولايات المتحدة خلال الفترة من 16 يونيو إلى 8 أغسطس 2016 بالاعتماد على خمسة أسئلة محددة، وفي النرويج في أكتوبر 2016.  وقد تم تحليل 500 مقابلة يوميا (حوالي 26000 مقابلة) في الولايات المتحدة، وحوالي 460 مقابلة تم تحليلها في النرويج.

وقد توصلت الدراسة إلى أنه بشكل عام كانت الأسئلة المالية هي الأكثر حاجة للتحقق من قبل المحاورين في الولايات المتحدة والنرويج، ففي الولايات المتحدة كان السؤال الأكثر حاجة للتحقق بين الأسئلة الخمسة هو “هل المستجيب يتفق أو يختلف مع أنه يراقب إنفاقه عن قرب؟”، فبالرغم من أن هذا السؤال يستخدم مقياس “أتفق أو أختلف” إلا أن الكثير من المستجيبين حاولوا الإجابة بـ “نعم أو لا”، تلاه السؤال “هل توافق أو لا توافق على أداء باراك أوباما في منصبه كرئيس؟”، وقد يرجع ارتفاع معدل التحقق هنا إلى أنه سؤال حساس من الناحية السياسية، كما أنه قد يكون لدى المستجيبين وجهات نظر معقدة تسبب التردد في تقديم إجابة محددة من البداية سواء بالموافقة أو الرفض.

وكان السؤال الخاص بدخل الأسرة الشهري في النرويج هو الأكثر حاجة للتحقق، وقد يرجع ذلك لأن المستجيبون يعتبرونه سؤالا شخصيا وحساسا مما يزيد من معدل عدم الاستجابة لهذا السؤال.

وبشكل عام – في كل من الولايات المتحدة والنرويج- كان المستجيبون الأقل تعليما والأكبر سنا أكثر حاجة للتحقق مقارنة بغيرهم، ومع ذلك لم يكن هناك فروق ملحوظة في نسب التحقق وفقا لاختلاف النوع أو الدخل بين المستجيبين في كلا البلدين.

وقد تم إجراء مقارنة للإجابات النهائية من المستجيبين الذين تم التحقق منهم مع إجابات المستجيبين الآخرين، واختلفت تلك الإجابات النهائية بشكل ممنهج بالنسبة للذين تم التحقق منهم، ففي السؤال الخاص بأداء باراك أوباما، كان المستجيبون الذين تم التحقق منهم أقل احتمالا لتأييد أداء الرئيس مقارنة بالذين لم يتم التحقق منهم.

وعند سؤال المستجيبين في النرويج عن رأيهم في أداء قيادة بلدهم، كان الذين تم التحقق منهم أكثر احتمالا بأن يقولوا إنهم غير موافقين على أداء قيادة بلدهم مقارنة بالمستجيبين الآخرين، وعند سؤالهم عما إذا كان الوقت مناسبا أو سيئا للحصول على وظيفة في المنطقة التي يعيشون فيها، كان المستجيبون الذين تم التحقق منهم هم الأكثر احتمالا أن يقولوا بأن الوقت الحالي مناسب للحصول على وظيفة في منطقتهم.

وبناءً على ما سبق توصلت الورقة إلى أن التحقق الفعال هو وسيلة مهمة في عملية إجراء المسوح، ويساهم في تقليل معدلات عدم الاستجابة سواء بالرفض أو بالإشارة إلى عدم معرفة الإجابة، والأهم من ذلك أن الإجابات النهائية من الذين تم التحقق منهم تختلف بشكل ممنهج عن تلك التي قدمها المستجيبون الذين لم يتم التحقق منهم، كما أن التحقق يغير من التوزيع النهائي للبيانات التي يتم الحصول عليها ويجعلها أكثر اكتمالا مما يعزز من صحة الاستنتاجات التي تم الوصول إليها، ويساعد على الحصول على آراء المستجيبين الذين كان من المحتمل استبعادهم لولا إجراء ذلك التحقق.

وقد أوصت الورقة بضرورة أن يضع الباحثون في الاعتبار أن الإجابات الناتجة عن التحقق قد تكون عُرضة للخطأ لأن المستجيبين قد يقومون بتخمين الإجابة أو يحاولون الحصول على رضا/استحسان المحاور فقط بإعطائه إجابة أخرى، بالإضافة إلى أنه يجب التفرقة بين الأسئلة التي تحتاج إلى التحقق والتي لا تحتاج إليه ولكنها تتطلب إعادة النظر في صياغتها، حيث أن إجراء تعديلات لتبسيط السؤال أو تقصيره يخفف العبء على كل من المحاور والمستجيب أثناء الاستطلاع.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *